موضوع جديد هو عبارة عن قصة قصيرة لتكون بداية لمشاركاتي معكم اذا عجبتكم بتابع بهالمجال بانتظار ردودكم

في يوم ليس كهذه الأيام وبلاد لم تعرف بعد... نشر في صحيفة .... عن شاب في عقده الثاني وجد ميتاً في غرفةٍ خاوية بعد عشرة أيام من وفاته ، وبجانب جثته قصاصة ورق جاء فيها :
تثاقلت خطواته قبل أن يلج الباب ... هاهو ذا يعود إلى عزلته العارية .. وتلك الغرفة الظلماء .. وصمته المثقل بالهموم.
جلس قبالة التلفاز الذي لا يمل الكلام وأطلق العنان لمخيلته .... أطبق عينيه الحالمتين ، وصوت مذيع الأخبار يلوث صمت المكان ...." إعصار في الصين .. تفجيرات في بغداد ..و.. و " مازال لا يمل الكلام .
رقاص الساعة المنسية ما زال بيأسٍ ينوس ، تماماً كأفكاره المتداخلة التي لا يطيق حصرها في رأسه . فأخرج قلماً وقصاصة ورق وانكب يكتب بلا هوادة .
تخيل قصصاً كثيرة .... ملاحم عشق من خياله ... كتب عن الأمل الذي لم يؤمن به قط ..... بنى قصوراً من رمال وزوارق من ورق .. وتركها في مهب رياح الحب الشيطانية .نظر إلى ما خطه قلمه فارتسمت علائم الارتياح على محياه ، لكنه ما لبث أن طوى قصاصته وجعلها وقوداً لبقايا مدفئته .
كل ما حوله يذكره بالغربة ... الغرفة الجوفاء .. الجدران العارية إلا من بقايا مرآة لم تره منذ زمن .. والساعة المنسية .. كلها تشعره بالوحدة ... بالموت في الحياة ... بأنه كأي شيء أبلاه الزمان فترك على جنب درب الحياة ، مهملاً يكاد لا يُرى .
أخرج من معطفه علبة تبغ وأشعل سيجارةً ملأت المكان سعالاً .. وعبقاً من ذكريات ... وسحائب من حنين... فأطبق العينين .
أخيراً ... هاهو يحزم حقائبه .. بقايا قصائده ... وعلبة السجائر .. جالت عينيه في الغرفة وأطبق الباب على الذكريات ... اجتاز جبالاً وبحار ... وبلاداً لم يزرها السندباد ، كطائر لا يحول بينه وبين موطنه حدود ولا طول سفر .
هذي البيوت يعرفها ... وهذه الأشجار ... نمت قليلاً لكن عبقها ما زال يسكن في خياله ... بوابةٌ صغيرة وممرٌ ضيق ثم يعود إلى ماضيه ... وخافقه المزروع بين ضلوعه يغني أنشودة الحنين ، وعيناه تتأملان المكان .
استجمع ما تبقى من قواه وتقدم نحو الباب .. طرقه بقبضةٍ واجمة .. وانتظر ثوانٍ عادلت سنين غربته ... وقع خطىً يقترب .. يدنو .. وصر ير باب أحس معه بنار غريبة تسري بين أصابعه ... أكان دفء اللقاء .
أفاق من سهوته فإذا بسيجارته الرخيصة تلدع أصابعه ورمادها يحرق بقايا أمله و عمره ..... فأخرج قلمه وقصاصة ورق وعاد للكتابة من جديد ......

اكثر من شكر نحن اقمنا منتدى لهذا